مؤتمر فينا
عقد هذا المؤتمر في مدينة فينا استناداً إلى ما نصت عليه معاهدة باريس الأولى لحل المشاكل الكثيرة والمعقدة التي أوجدتها الحروب النابليونية، وحروب الثورة الفرنسية عامة في أوروبا، وبينما كانت المفاوضات جارية وصلت أنباء وصول نابليون إلى باريس وهروبه من منفاه في جزيرة إلبا، وهروب الملك لويس الثامن عشر من باريس، غير أن المؤتمر واصل اجتماعاته خلال مدة المئة يوم واندحار نابليون في (واترلو).
ما هما المحوريين الأساسيين الذين سارت عليهما المبادئ التي تبناها مؤتمر فينا؟
- أولهما: إرساء قاعدة التوازن الدولي في أوروبا وعدم انفراد دولة أو حلف بالشؤون الأوروبية، ولذلك جاء مبدأ (إرجاع القديم إلى قدمه) أي إرجاع أوضاع أوروبا عامة إلى سنوات ما قبل الثورة الفرنسية، أو ما يطلق عليه (الالتزام بالحقوق الشرعية) للعائلات الحاكمة في أوروبا آنذاك، لا سيما عائلة آل بوربون الحاكمة لفرنسا.
- ثانيهما: إقرار مبدأ التعويض على وفق قاعدة (إرجاع القديم إلى قدمه) ويعني تعويض الدول الكبرى المنتصرة على نابليون ببعض الأقاليم والمناطق التي استولى عليها نابليون خلال حروبه السابقة، فحصلت كل دولة في الواقع على ما تريد من فرنسا.
- بريطانيا: حصلت على جزيرتي مالطة، وسانت هيلانة، ومستعمرة الكاب بجنوب أفريقيا.
- روسيا: حصلت على أقسام من بولندا البروسية بما فيها دوقية وارشو.
- النمسا: حصلت على مناطق نفوذ في إيطاليا لاسيما في إقليم لومبارديا ومدينة البندقية وساحل ايليريا ودوقية ميلانو (لمبارديا) بصورة مباشرة وليس مناطق نفوذ.
- سويسرا فأصبحت دولة اتحادية مؤلفة من 22 مقاطعة، وأعلن استقلالها وحيادها الدائم، كما قرر المؤتـمر فصل النرويج عن الدنمارك وضمها إلى السويد وذلك لدخولها الحلف ضد نابليون.
علل: أهم ما قرره مؤتمر فينا على الصعيد الإنساني؟
إلغاء تجارة العبيد وإن لم ينفذ هذا القرار بصورة كاملة غير أنه وضع الأساس للمطالبة المستمرة بتنفيذها تأكيداً على مبادئ حقوق الإنسان.
علل: أبرمت الدول الأوروبية تحالفات بينها؟
- لأجل سلامة واستمرار النظم القديمة التي أعيدت إلى حكم أوروبا.
- ضمان تنفيذ مقررات مؤتمر فينا.
ما هي أهم التحالفات التي أبرمتها الدول الأوروبية؟
- التحالف المقدس: وهو التحالف الذي وقعته الدول الكبرى روسيا والنمسا وبريطانيا في 26 أيلول 1815م ثم التحقت بها كل من فرنسا وهولندا في فترات متأخرة.
- التحالف الرباعي: وهو التحالف الذي قام بين الدول الأربع الكبرى روسيا وبروسيا والنمسا وإنكلترا بتوقيع معاهدة التحالف الرباعي في 2 تشرين الأول 1815 لتأكيد مواقفها السابقة في الحلف المقدس للحفاظ على السلام في أوروبا وسلامة العوائل الملكية فيها.
ملاحظة: على الرغم من الانتقادات التي وجهت إلى مقررات مؤتمرات فيينا إلا أن تلك المقررات تحمل في طياتها بعض الجوانب الإيجابية.
ما هي الجوانب الإيجابية التي وجهت إلى مقررات مؤتمرات فيينا؟
- أنها أنزلت أقل الخسائر الممكنة بفرنسا، ولم تكن العقوبات قاسية جداً بحقها.
- أوجدت حلاً سياسياً للمشكلة البولندية التي ظلت طيلة القرن الثامن عشر مثار حروب وخلافات بين روسيا والنمسا وبروسيا.
- كانت تلك القرارات بمثابة تسوية أقامت سلماً ثابتاً امتد حتى منتصف القرن التاسع عشر، ارتكز ذلك السلم على مبدأ التوازن بين القوى الكبرى في أوروبا.
ما هي الجوانب السلبية لقرارات ذلك المؤتمر (فيينا)؟
- كانت تلك المقررات حرباً على الأفكار الحرة والمبادئ الديمقراطية التي نادت بهـا الثورة الفرنسية، وذلك بإعادة العوائل المالكـة إلى عروشهـا فـي أوروبا، وحـرمت الشعوب من حق اشتراكها في الحكم وهذا انتهاك صريح لإرادة الشعب العامة.
- أهمل المؤتمر مبادئ الثورة الفرنسية التي انتشرت بصورة واسعة في أوروبا والعالم، في حين برر رجال المؤتمر ذلك الإهمال بضـرورة المحافظة علـى السلـم الأوروبي الذي كـان يعني خنـق مبادئ الثورة الفرنسية ومواجهة جميع الحركات الوطنية والديمقراطية التي تعكر هدوء أوروبا.
- كذلك تجاهل المؤتمر نمو الروح الوطنية عند الشعوب الأوروبية، ففي ألمانيا أعيد رسم الحدود بين الدويلات الألمانية وفـق مصـالح الدول الكبرى وبالاتفاق مع الحكـام والأمراء الألمان بمعزل عن الشعـب الألماني، وتم دمج كل مـن هولندا وبلجيكـا فــي دولة واحدة على الرغم مـن الاختلافات الدينية والقومية بين الشعبين الهولندي والبلجيكي.
- لقد ضحى المؤتمر بمطالب الدول الصغيرة ومصالحها لحساب القوى الكبرى المنتصرة، فأصبحت الولايات الإيطالية غنيمة للنمسا، وخسرت إسبانيا جزيرة ترينداد، وقسمت بولندا للمرة الرابعة تحقيقاً لمطامع روسيا فيها.